في احد الليالي الدافئة والمحمله بأصوات الرياح و نسمات الخريف، وبعيدا عن ضجيج المدينة وازدحام الشوارع في احدى القرى النائية، يطرق الباب شخص غريب تظهر على ملامحه علامات الحزن والألم.
يُصدر الباب الخشبي صريرا مزعجا يخبرك بأنه قد فتح للطارق بحرص شديد بالكاد تظهر منه فجوه ضيقة وصوت من ورائه هادئ وناعم : ((من الطارق والدي نائم ولن يستطيع أن يقابلك ))
الرجل الغريب بصوت أجش : ايقظية حالا يانور العين ، اخبريه ان مهران يريدك في امر ضروري وعاجل .
تغلق الباب وتهرع الصبيه الى والدها الشيخ عيسى الذي كان يتلحف فراشه الدافئ. نظرت إلى والدها بكل رقة ومنعتها مشاعرها المرهفه من أن توقظه حتى تزعج والدها الكبير في السن فجلست بالقرب من فراشه ووضعت رأسها الصغير على صدره واخذت تستمع لدقات قلبه الحنونه واخذت تتمتم (( لقد عاد مهران مره اخرى يا ابي )).
وفي صباح اليوم التالي كانت نور العين الفتاة الجميلة ذات العيون العسلية الواسعه تجلس على حصيرة قديمه تلهو بدمية قديمه وتجدل شعرها الطويل
وكان الشيخ عيسى يجلس خلفها على كرسي خشبي يمشط لها شعرها الاسود الطويل
الشيخ بيدين ترتجف: لايوجد أجمل من هذه اللحظه التي تشعرني بالسعاده في تجديل ضفائرك
نور :اتمنى ان اعرف سر سعادتك هذه ياوالدي ؟؟ولماذا زيت جوز الهند مالسر فيه اني لاحب رائحته مزعجه
الشيخ : أمي كانت تقول لاخوتي ان جمال المرأه في عينيها الواسعه وشعرها الطويل الناعم وزيت جوز الهند ينعمه ويكسبه لمعانا وطولاً ويجعله أكثر جمالاً كشعر الخيول الاصيله
نور : انا لا اريد ان اكون حصاناً يا ابي
الشيخ ضاحكا: سوف تصبحين أجمل فرس في القريه ياأبنه عيسى
تمدد الشيخ ليرتاح في ساعة الظهيرة ،وبعدها بقليل دق احدهم على الباب فتحت نور للطارق وكان رجلا في العقد الرابع من عمره
مهران :نادي الشيخ عيسى (( وعيناه كانت تقفز حماساً على نور ))
نور : الشيخ عيسى يأخذ قيلولته الان
صوت الشيخ قادم بعنف ويفتح الباب على مصرعه ويخرج خارج البيت بعد ان دفع نور للداخل وأغلق الباب ، تصاب نور بالرهبه والفزع من تصرف والدها العنيف وسمعته ينهر الرجل بصوت عالي ويأمره بالانصراف وتوعده بأبلاغ الشرطه اذا ماعاد مرة اخرى ،
دخل واغلق الباب بعنف خلفه ورأى ابنته في حالة من الفزع فضمها الى صدرها ليهدئ من روعها ويطمأنها.
حاولت نور أن تهدأ من روعها لكنها كانت ترتجف مثل العصفور المطارد وخافت أن تتكلم مع الشيخ فيثور بعد أن هدأ لكنها استجمعت رباطة جأشها وسالته
نور: من كان هاذا الرجل المدعو مهران يا أبي؟؟
الشيخ :لاتبالي يانور عيني لا أحد مهم
نور: لكنه يبدو حز….
الشيخ يقف ويصرخ : قلت لك لاأحد اذهبي فورا من امامي الان ولا تجرأي على ذكر اسمه مرة اخرى هل فهمتي (( ويخرج من المنزل واقفل الباب تاركا نور عينيه حزينه ووحيده ))
بعد خروج الشيخ قامت نور ومسحت وجهها المتعرق بثوبها وانصرفت لترتيب البيت ونفض الغبار من اركانه ، في حين انها كانت قد انتقلت من مرحلة الخوف لمرحلة اخرى من التفكير اللولبي وفي اثناء سرحانها دق الباب مرة اخرى فهرعت للباب وكأنها كانت في انتظار اي أحد كان حتى يخرجها من قوقعة التفكير المزدحمه
نور : خاله فتحيه (بخيبه امل )
فتحيه :كيف حالك ياصبية اين والدك الشيخ ، انا متأكدة انه تركك لوحدك كالعاده وحيده تنظفي وتلهي بعرائسك المهترئه
ياله من رجل قاسي القلب ، حتى انه لم يدخلك المدرسة كباقي الفتيات ويبقيك كخادمات البيوت
نور :أرجوك ياخاله لاداعي لهاذا الكلام مرةً اخرى لقد سأمت من هذه الاتهامات والدي رجل حنون وطيب ويهتم بي وبشعري ويقوم بتعليمي القرآءه والكتابة وكل شئ
فتحيه تمسك بذقن الفتاه : يجب أن تكوني في المدرسة ،لا خادمة في البيت ، قريناتك الان في المرحلة الثانوية ،
نور : يقول ابي ان مدرسة القرية ليست أمنه والمبنى متهالك وممكن أن يقع في اي لحظه
فتحيه : هراء وأكاذيب هو فقط يريد أن يحبسك في المنزل هاذا رأي ورأي مهران كذلك !
نور بتعجب : مهران ؟؟ من هو وهل تعرفيه ؟؟ لماذا غاضب منه ؟؟ اجيبيني فوالدي لايصبح شرساً هكذا الا عندما يزورنا
فتحيه : أجل اعرفه وسمعته يتجادل مع والدك
نور :اذا من هو اجيبيني
فتحيه : اسأليه بنفسك واسأليه ايضا عن أمك ؟؟سلام يانور وخرجت وقبل ان تقفل الباب نظرت الى نور نظره شفقه وقالت لها (( اذا احتجتي اي شئ لا تترددي وتعالي وزوريني فأنا مثل والدتك )) واغلقت الباب تاركةً نور في حاله من الذهول خاصاً بعد ان سمعت كلمة (( امك ))
دخل الشيخ بعد برهه الى منزله ويبحث عن نور فيجدها تجلس على حصيرتها على الارض وكانت تمشط شعر لعبتها لكنه لاحظ ان شعرها منكوش وغير مجدل ولاحظ عليها انها شاردة الذهن ولم تنتبه لوجوده
الشيخ : لماذا تجلسين هكذا على الارض ؟؟ تعالي كي امشط لك شعرك فيبدو بحاله مزرية يجب ان يكون مرتبا ومجدلاً
نور : لو كان شعري مجعدا وعيناي ضيقة هل كنت ستحبني ياوالدي
الشيخ : كنت سأحبك ايضا يا أجمل الفتيات تعالي لحضني هيا ، لنأكل طعامنا فأنا جائع ، هل ستتركينني هكذا بدون طعام اسمعي صوت بطني أنه يتضور جوعا هيا
اعدت نور المائده وكانت طوال والوقت سارحة وفي ملكوت اخر تسبح في بحر التسآؤلات ، وبعد ان انهى الشيخ طعامه وشبع واطلق عدة تجشؤات مزعجه كانت نور تحدق به وكأنها صقر جارح فقد ازعجها منظره وهو يحك كرشه بطريقه مشمأزه فقامت على الفور وذهبت للمطبخ وبعد عدة دقائق سمعت صوت شخيره الذي ازعجها لأول مره في حياتها..
بعد لحظات دخل رجلان الى المنزل وكانت أعمارهما في نهايه العقد العشرين، وكانت اثار التعب واضحة عليهما فزعت نور كثيرا منهما في البدايه خاصة وان فانوس البيت قرب على الانطفاء وانتهاء الغاز ولكن سرعان ماتعرفت عليهما وقفزت مثل الارنب لتعانقمها عناقا طويلا .
نور :اخواني لقد اشتقت لكما كثيرا ، انا غاضبه منكما جدا لقد طال غيابكما كثيرا هذه المره
مجاهد : اه لو تعلمين كم انا مرهق فالعمل في القريه المجاوره يعد ضرب من التهور والجنون فهي بعيده وقاحلة ولا وجود أ م…
ناصر:على هونك ياصديقي هههه لاتنسى اننا متعبون لاداعي لأن تزعج شقيقتنا بمثل هذة الحكايات المملة ، هيا هيا اعدي لنا الطعام فبطوننا خاويه وأن لم تملئيها فسوف نأكلك على الفور هههه
انصرفت نور لتحضير الطعام على مضض فشعرت بحزن ممزوج بالم في صدرها بسبب تجاهل اخوتها لها المستمر حتى انهما لم يعبران لها بشوقهما بل انهما على عكس ذلك طلبا منها إعداد الطعام وكانها خادمه كما قالت لها فتحيه
ناصر :سلمت يداك ياأختي
مجاهد :هل تمزح الطعام ماسخ وبارد
ناصر :لاداعي لمثل هاذا الكلام تبدو اختنا الصغرى مرهقة ومتعبة من اعباء المنزل فلا ترهقها بتعليقاتك السخيفه
ناصر : نحن نتعب ونستحق وجبة مشبعه وساخنه على الاقل ( ويرمي الملعقه على الطاوله بعنف)
الشيخ فجأه / كفا هذا يكفي
قامت نور الى وسط الغرفه المظلمه وعم الهدوء ولم يكن هناك صوت سوى صوت صرير الريح وارتجاج الباب الخشبي وصرخت نور فجأة بصوت حزين ممزوج بأنين :
من هو مهراااااااان ؟؟ لماذا يلاحقنا من قرية لقرية وماعلاقته بأمي هااااا
أصيب الجميع بهول شديد وخاصة الشيخ الذي اصابة الرعب والقلق
الشيخ بنبرةٍ كصوت الرعد: ماذا قلتي ؟؟ من أين اتيتي بهذا الكلام اجيبي
وأمسك بكتفها النحيله الضعيفه واقترب منها بتهجم كأنه دب مسعور وبدأ في هزها كالمجنون وبدأ بالصراخ(( اجيييبي ))
افلتت الفتاة في سرعة كبيرة وابتعدت عنه واسرعت نحو غرفتها واغلقت الباب واخذت تصرخ وتبكي في جنون
ناصر : جاء اليوم الذي كنت تخاف وتهرب منه ياشيخ
مجاهد : ما التصرف الان؟؟ من الواضح انها سمعت بشئ ما ..كيف سنتصرف ونخفيها الان؟؟
ناصر: لقد كبرت وعلامات الانوثه والوعي بانت عليها لم تعد طفلة سوف تفضحنا أكيد وستعرف الحقيقة وإن لم نحن نقوم بأخفاءها وسوف تفتح أبواب الجحيم
الشيخ : علينا انكار كل شئ سوف نغادر هذة القريه حالا استعدا كي نغادر غدا صباحا
مجاهد : كيف ستغفلها هذة المره ؟؟الم تنسى ماحدث قبل سنتين ؟؟ لقد اجبرناها على ان تدخل داخل كيس الكتان حتى لايلحظها احد
ناصر : لن يسعها الان سوى تابوت ياشيخ
الشيخ بغضب :اخرس الان وتلتجهزا كل شئ سوف افكر في طريقه سوف اذهب للعطار واحضر لها شرابا منوما حتى يسهل نقلها هيا جهزا كل شئ قبل ان تشعر بنا
تسمع نور اصوات ضجيج فيدب الخوف فيها وأثناء ماكانت تحاول ان تسترق السمع يأتيها صوت خربشات على النافذه فتذهب في تردد لتتحقق فتنتبه ان هناك همسات وعندما اقتربت لاحظت أمرأه تمسك فانوس من الضوء مخيفة
نور: فتحيه
فتحيه : هاجمك الشيخ الشرس اليس كذلك
نور : أ أ لا
فتحيه / لاتكذبي الأن كنت بجوار الباب وسمعته يصرخ فيك ذلك الغول
نور :من هو مهران ؟؟
فتحيه :مهران هو خالك شقيق أمك الاصغر يطارد والدك من مكان لمكان حتى يقنعه بأن تقابلي أمك المريضه يجب أن تريها قبل ان تموت (( بدأ جسد نور الصغير بالارتجاف والرعشه ))
فتحيه تكمل : لقد خطفك منها وأنتي صغيره وأقنعك بأنها ماتت كي يحرق قلبها
وهي تريد رؤيتك لقد تواصل معي مهران يطلب المساعده المسكين
نور : لا أصدق لماذا يحرمنا والدي من أمنا
فتحية : لالا أمك انتي فقط فأخوتك لهم أم اخرى تعيش في القرية التي يعملون فيها ويرونها دائما ويتمتعون بحضنها وحنانها وقد طلقها الشيخ قبل ولادتك انتي ، عاملها بوحشيه وظلمها واستعبد اخويك ثم طلقها وتزوج امك وعاملها كالاخرى ، ثم اختطفك وطلقها ومن ثم استعبدك انتي ، انه مجرم ، هيا تعالي معي سأوصلك بمهران
نور: لا لا اتركيني (( وبدأت تبكي على انغام الإنكار والخوف))
فتحيه : اذا هدئي من روعك واشربي هذا العصير سوف يهدأ من روعك يا صبية ، ومدت يدها واعطتها العصير ورحلت
في صباح اليوم التالي ايقظ الشيخ نور التي بدأ عليها الاعياء الشديد فكانت تترنح كانها ثمله وحاول ان يوقفها على قدميها وما أن وقفت على الارض حتى دفعت به بكامل قوتها واوقعته على الارض و قامت بالجري نحو الباب كالقط الشارد بسرعه هائله
مجاهد : كيف هربت ؟ كيف استطاعت ان تفلت من بين يديك ؟
الشيخ يبكي ويولول مثل النساء / لا ادري لقد دفعتني بقوه ، لا اعرف من أين لها هذه القوه العجيبه كأنها ثور هائج ، ياحسرتي عليك يانور الفؤاد لقد ضاعت من بين يداي ،
حمل الاولاد والدهما المتألم ووضعاه على الفراش وانصرفوا سريعا للبحث عن شقيقتهما ، حل المساء وأسدل عبائته المظلمة على القريه في هدوء عجيب فلا صوت للرياح ولا صرير للخشب فقط صوت أنين الشيخ عيسى يمكن أن يسمعه قلب نور
فقد كانت تشعر به وهي في منزل فتحية فكانت مفصولة عن الواقع وكأنها داخل فقاعة كبيرة وكانت تنظر إلى نار المدفأه فيخيل إليها بأن أباها يحترق
فتحية : سوف أذهب لمهران في الصباح لأخبره بنجاحي في مهمتي وبأنني أنقذتك أخيرا من براثن ذلك العجوز المختطف ، فلتحل عليه لعنه الله وسخطة فرق بين أم وطفلتها
نور : أبي يحترق استطيع ان أشعر به
فتحيه : فليحترق في أفعاله ...
قريبا ستكونين في حضن أمك الجميله(( لقد كانت ومازالت اجمل النساء واكثرهن ثراء واغراءا وكل الرجال يتمنون رضاها والزواج منها حتى انها اكثرهن كرما فقد وعدتني هي ومهران بالكثير من الذهب اذا ماساعدتك واعدتك لهما ،
مرت ثلاثة أيام على غياب الصبية وكاد عقل الشيخ أن يجن على أبنته المختفيه فقرر اخوتها أن يبحثو عنها في الضواحي الأخرى المجاورة بعد أن فقدو الأمل على العثور عليها في القرية ،
احد رجال القرية :هل سمعت لقد أختفت ابنة الشيخ عيسى وهم يبحثون عنها منذ ثلاثة أيام
أمرأه ترد عليه : هل تقصد الشيخ عيسى صاحب أكبر بيت في القرية ، هل لديه أبنه ؟؟ لم أعرف ذلك من قبل. لم أكن أعرف أن لديه ابنه صبيه
أمرأه اخرى : صحيح اذا هي نفسها الفتاة التي يبحث عنها التاجر مهران واخته الحسناء (( سنام )) هي أم الفتاة ، يقال بأنها مخطوفة من والدتها وأن الشيخ رجلا قاسيا وشريرا وكان يخفيها ويستعبدها
الرجل: الله اعلم
وبينما كان الشيخ ممددا على فراشه في ملكوت أخر يأن ويتحدث مع السماء تدخل نور الى الغرفه فجأه وترمي بنفسها على جسد والدها وتقبل رأسه وتحتضن يديه الدافئه وبللتها بالدموع الحاره
الشيخ : ابنتي نور العين هل انتي هنا يللطف السماء
نور : سامحني يا أبي كان يجب أن أعرف الحقيقة التي أخفيتها عني
الشيخ يبكي
نور : أرح قلبي المتألم الضائع ماهي حقيقة والدتي ؟؟ اجبني ياكل حياتي
الشيخ: الا يهمك الان ماحدث لي يانور ؟؟ يالحزني وقهري عليك !!
بما أن الوضع أصبح معقدا وفقدت بصري وفقدت حركتي ولن أستطيع الهرب بعد الأن من ما أخفيه عنك فسوف أخبرك كل شئ حتى ترتاحي وتعيشي معي بسلام وتنسي موضوع أمك هذا للابد ، لاكن ثقي بي تماما أني لم أخفيك عن العالم لاني وغد او ظالم أو شرير بل لأحميك من شرور الدنيا
(( كنت اعيش بسلام وسعادة مع زوجتي جميله واولادي ناصر ومجاهد في قريتنا الهادئه الا أن جاء وقت تعيس ومرضت فيه زوجتي مرضاً شديداً فجأه وأصيبت بالوهن والضعف وبدأ الجنون يشن هجوما عنيفا عليها وفجأه وبدون مقدمات ،وفي يوم من الايام بدأت بالصراخ والعويل وقامت بتمزيق ملابسها حتى اصبحت عارية تماما وكنت قد اصبت بالتصنم وشلل في الحركة
[قام مجاهد وناصر بلف والدتهم بغطاء بعد ان كفكفوا دموعهم وربطوا على قلوبهم الحزينه بما أصاب والدتهم وحملوها بصعوبه واخذوها إلى بيت والدها بعد أن يأسوا مني أن أتحرك أو أتصرف وعادوا مطأطأين رؤسهم كأنهم جنود مكسوره بعد خوض معارك خاسره ، وبعد مضي عده أيام وصلني رسول من أهل زوجتي أنها تطلب الطلاق فطلقتها بسرعه البرق وكأنني مسير.
اقترحت علي أحدى جارتنا أن أستعين بخادمة هنديه فوافقت سريعا وقامت فعلا بأحضارها لمنزلنا وكانت هنا دهشتي التي ربطت لساني كانت (( سنام )) اجمل أمرأه رأتها عيناي ذات شعر مجدل طويل سواده كالكحل، وعينان كأنهما نور الضحى وسريعا ما بدأت بتنظيف المنزل وترتيبه وأعدت لنا مائده تشبع بطون الجوعى ، أكلنا طعاما حتى تفزرت أمعاءنا وغطيت بعدها في نوم عميق كأني طفل رضيع ، وأنا نائم شممت رائحه شذا عطرٍ كأنه الربيع فتحت عيناي فوجدت (( سنام )) نائمة جواري وكأنها حوريه من حوريات الجنه تتزين بأجمل الاساور والخلاخيل ففتحت عيناها العسليه وقالت لي (( صباح الخير يازوجي العزيز ))
نعم لقد تزوجت الفاتنه وأنا مغيب وأنا لا أذكر شيئاً فقد أصاب حبها قلبي وكنت سعيدا جدا
الشيخ : متى تزوجنا
سنام بأبتسامه ساحرة : ايها الشقي لقد تزوجنا البارحة بشهادة جارنا مسعود وأخي مهران هل نسيت ذالك سريعا
الشيخ : لا لا لم انسى (( ونمت متيما في احلامي ))
هجرت المسجد وأصدقائي وأنخرطت في عملي وضاعفت طاقتي كي ألبي طلبات فاتنتي سنام فلا أريد أن ارفض لها طلبا يكفني أن اعود الى البيت لأجدها تنتظرني في حب وغرام وأن أستمتع بلمساتها التي كانت أنعم من ريش النعام
طلبني في يوم إمام المسجد فذهبت اليه في حياء واحراج
امام المسجد : أسمع ياشيخ عيسى لن أخفي عليك أنا اشك في شئ وأريد أن أخبرك به
الشيخ عيسى :ماذا ياشيخنا لقد أقلقتني هل هناك شئ لاسمح الله
الإمام : أجل بكل تأكيد هناك شئ خطير لقد لاحظت أنك تتصرف بغرابة شديدة مؤخراً بعد أن طلقت زوجتك بدون سبب يذكر وتزوجت من الخادمة الاجنبية فجأه وبعدها تراكمت الديون عليك وخاصة الامور الغريبة التي تحصل في بيتك الذي تنبعث منه روائح كريهه وايضاً أثار دماء الحيوانات المذبوحه أمام بيتك ، انت مسحور يا أخي وهاذا واضح وضوح الشمس للأعمى
أصيب الشيخ بدهشه لا توصف من كلام الإمام وبدأ بنكران كلامه وأستنكاره ورفضه تماما وأخذ عقله بالهذيان والصداع
الامام : نكرانك طبيعي فهاذا دليل كافي لما يحدث سوف أزورك حتى أثبت لك كلامي
عيسى : تفضل وقت ماتشاء لكني أفضل زيارتك لي بعد أن تضع زوجتي مولودها ولاتنسى هدية أبني الجديد ( وقام غاضبا )
اضطرب الامام وفكر لبرهه وقرر أن يزوره بعد ولاده سنام وأن ينقذ الطفل من براثن الساحرة
بعد ولادتك يانور العين شعرت بأني أملك القمر والنجوم وكنتي قلبي الذي ينبض والهواء الذي أتنفس حبك اصبح يجري في عروقي وأصبحت نور عيناي التي أبصر
نور بدموع وعينان محتقنه : أكمل ياوالدي
وفعلا زارني أمام المسجد بعد شهرين من ولادتك وما أن دخل المنزل حتى اصيبت سنام بهلع ومهابة لايحتمل وما أن بدأ الأمام بقرآءة بعض من أيات الكتاب الكريم حتى بدأت سنام بالصراخ والعويل بأصوات مخيفةً كأنها أصوات الرعد
أصبت بشئ يشبه البرق في عيناي وكلما تعال صوت الأمام بتلاوة الأيات القرآنيه كنت أشعر بطعنات في أنحاء جسدي كأنها قرصات نحلٍ حارقه وبدأت في التقيأ الى أن أفرغت كل مافي جوفي وكان كل ماأفرغت هو عبارة عن طين وفحم أسود فأرتحت بعدها راحة شديده وفتحت عيناي وأصبحت مدركاً تماما بما يدور حولي وتحولت رائحة البخور الطيبه لكريهه ورأيت طبعات اليد الملوثه بالدم على الجدران وأيقنت بعدها بأني كنت مسحوراً، هدأ الأمام من روعي وأسقاني ماءاًمباركاً وعبر عن سعادته لرجوعي لطبيعتي وحذرني من سنام الساحرة بأنها سوف تستمر في مطاردتي لتستعيدك وأنها أمرأه خطيرة فكانت كما قال من أخطر ساحرات الحجاز وكانت تجمع الذهب والأملاك عن طريق سحر التجار والزواج منهم وكانت تسخر أبناءها وأخوها مهران لتسهيل أمور السحر والشعوذه
نور بأبتسامة حزينه : ياوالدي المسكين لقد ظلمتك سامحني أني شككت بك أرجوك سامحني على جهلي فشوقي لحنان الأم افقدني صوابي وثقتي بك ، قم واشرب بعضاً من الماء لتروي ظمأك فلقد أنهكتك بالحديث (( ناولته بعض الماء وقبلت جبينه ))
الشيخ عيسى : سامحيني يانور عيناي وأسمحي لي بأن أعوضك عن حنان الأم وعن السنين التي عشتيها حبيسة البيت أذهبي لتلك الخزانه وأحضري الصندوق الخشبي ، أفتحيه وهاتي المخطوطتين التي فيه
فناولته اللأوراق و قال الشيخ : هذه ورقة ملكية بيتنا القديم في قريتي حيث ولدت وهذه الاخرى ورقة ملكية منزلنا هذا خذيها فهي ملك لك عوضا عما حدث لك من مأساة وحرمان لاتخبري أخوتك حتى لا يقاسموك ماوهبت لك الا بعد موتي
نور بأبتسامة خبيثه : لن أفعل لاتقلق أرتاح ونم في سلام وأطمئن .
قامت بهدوء وخرجت واقفلت الباب خلفها ، مدت يدها وسلمت وثائق ملكية المنزلين في يد سنام وحضنتها قائلة (( احبك ياأمي )).
Comments