النرد
صباح فارسي/السعودية
"والله ولعبت يا زهر وتبدلت الأحوال... "
كثيراً ما غنيت مع المغنى ضاحكاً مع صوته المبهج، لماذا أشعر بحشرجة البكاء في حنجرتنا الآن، ينوح باكياً ومبكياً، مستدراً للوجع في ليلة تأبى أن تنقضي. ويبدو أن "الزهر" لعب بي هذه المرة وألقى بي خارج اللعبة...
يقاطعني صديق العمر، مازحاً
"العب... ما عليك.. حاهزمك"
يضحك فتظهر أسنانه المنفلتة عن السياقِ وقد اعتلى الشيب ناصيته وغيرت التجاعيد وجهه بعدما وصل كلانا عامه الستين...
"تُرى هل أبدو مثله"، وحده من بقي يتواصل معي بعدما ترجلت عن الكرسي، الكرسي حيث كنت الآمر الناهي، الرئيس المهاب الجنان، في أوائل الصفوف أجلسوني والمحافل قدموني، يحضرُ لي هذا فنجان قهوة
"أتفضل طال عمرك"، يرجف ذاك بين يدي "قدمت لكم طلبي الله يبقيك"، ينبهني صديقي
"راحت عليك، كسبتك، خير.. بالك مشغول"
ارفع بصري إليه
"أبدا خير.. لا تشغل بالك"
يئن من وجع ظهره، اشكو له من انكسار العصا، قدمي الثالثة، أنصحه بالمشي الخفيف، ينصحني بشراءٍ كرسي متحرك، يحكي لي قصة كررها على مسمعي العديد من المرات، أراقب شفتاه، ولا اسمع حرفاً واحداً مما يقول، تطيشُ نظراتي ناحية الجوال، الجوال لم يتوقف عن الرنين قط، لم يمت كما يحدث الآن، أمسكه متفحصاً، مستغرباً، لماذا لم يعد يرن، كان رنينه مصدر قلقي وارقي في كل وقت، وتلك الأسماء ممن دعاني لمجلسه، لمكتبه، لملتقى، لندوة غادرت دون رجعة، وحين اتصل بهم لا يعاودون الاتصال بي، ولم يعد معي سوى صديقي والزهر، وتبدلت الأحوال...
Commentaires