رفيق دربي

- ها نحن قد اجتمعنا يا رفيق دربي، رغم كل ما جرى وكل ما حصل في هذه الدنيا البائسة.

= يااااه لتلك الأيام يا صديقي .. هل كنتَ تعتقد أننا سلنتقي يوماً ما ؟ ها نحن هنا الان ياصديقي ؟

- لا أظنني كنتُ أفكرُ في هذا سابقاً ولكن كل ما أعرفه وأثقُ به أنني لم أنسكَ لحظةً عشتها في حياتي .. كنتَ أنتَ مشجعي على ظروف الحياة القاسية رغم غيابك، وكنتَ أنتَ الرفيق الاوحد في كل طريق أسكله رغم عدم حضورك.

= يا صديقي الحبيب ليس لنا أن ينسى أحدنا الآخر، كيف ونحن كبرنا سوياً في أزقّة حيّنا البغيض الذي ما فتئنا نذكره آنذك إلا ونسخط على ساكنيه الخبثاء

- لقد أيقنتُ أن القدر فرقنا رغماً عنا لنتمكن من الهروب من ذاك الحي ونعيش حياة كريمة كباقي الناس، هذا ما اعتقدته قبل سنوات، وأما اجتماعنا هذا لم يكن في الحسبان رغم الأماني المتعلقة في فؤادي

= اووه يا صديقي لا أتمنى لك أن تعيش ما عشتُه أنا طوال السنين الخالية و لابد من أمنيتي الوحيدة هي أن تكون معي

- هيا يا صديقي فأنا مشتاق لتعميق جراحي برفقة جراحك فلم أعد من الذين يشعرون ليتألموا، هيا أخبرني..

= حسناً.. سأخبرك؛ لكن بشرط، أن تسكب آلامك فوق آلامي بكل العقبات التي مررتَ بها،

إن الظلم تلبّس بعض البشر ليمارس عليّ طقوسه، واليأس قد تلبّس كل شيء حتى الحجر والشجر، أصبحتُ قانطاً من كل شيء، حتى أنتَ يا صديقي كدتُ أنساك .. و ربما قد نسيتك حقاً، إلا أن القدر صفعني على قلبي و رأيتك بعد خَلْجتَ قلبي الذي صُفع آنفاً،

- الأيام التي عشتُها يا صديقي قد بدّدتْ أيامَ الطفولة من مخيلتي، بل وقد حلّتْ محلها آلام الأماني وآهات أشجاني،

فكم يحلُّ الليلُ في دُجاه وغسقه وكلاحته على النهار، ولا أظن أن يتلوَه فجراً جديداً،

فلا الليلُ ينجلي ولا النهار طالعُ،

كبرنا نحن الاثنين معاً وطفولتنا بقيَتْ بعيداً حيث تركناها هاربين، فهل هربنا من الظلم أم أننا هربنا من طفولتنا التي سُلبتْ ..؟!